مشكل النقد بين الزوجين يهدد الحياة الزوجية

قد يلجأ بعض الأزواج لنقد كل منهما الآخر ابتغاء تصحيح مسار أحدهما وتغييره للأفضل، لكنه قد يسلك الطريق الخطأ عندما يلجأ إلى النقد اللاذع، وتعمده جرح الآخر، لتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وتتغير المشاعر، وتنشأ الخلافات، وتكون حياتهما في مهب الريح.

 فهناك الكثيرات من الزوجات ممن يعانين نقد أزواجهن الدائم لهن، الأمر الذي أثر سلبا على ثقتهن بأنفسهن، وجعلهن يهملن أنفسهن، ولا يعرنها أي اهتمام، كما أنه أثر سلبا على مشاعرهما، والزوجة لم تكن هي الوحيدة التي تتعرض لهذا النقد والتقليل من شأنها، بل هناك بعض الأزواج ممن يعانون أيضا من نقد زوجاتهم لهم، الأمر الذي يحدث فجوة كبيرة في الحياة الزوجية يصعب التخلص منها فيما بعد، لأن   الزوج الشرقي بطبعه لا يقبل أن تنتقده زوجته بصورة مباشرة، ولو كان يدرك في قرارة نفسه أنها على حق، وهو ما حذر منه المختصون ناصحين الزوجين بالبعد عن النقد المستمر، لأنه يجعل الحياة الزوجية جافة، خالية من أي مشاعر.

 “رسالة المرأة” حاولت التعرف أكثر على أسباب نقد الزوج لزوجته والعكس، وكيفية التعامل مع الزوج أو الزوجة الناقدة، وكيف يؤثر النقد الهدام على الحياة الزوجية من خلال لقائها ببعض الزوجات.

النقد البناء مطلوب

تقول فاطمة.ك: انتقاد الزوج الدائم لزوجته يجعلها تفقد الثقة في نفسها، ويدفعها لإهمال نفسها، مرجعة سبب نقد الزوج لزوجته إلى جهله بطريقة التعامل مع المرأة عامة، فليس هناك رجل واعٍ مثقف ينتقد امرأة، وهو يعلم أن نقده لن يجني منه إلا انهيار العلاقة.

وتابعت قائلة: بعض الرجال لا يقصدون النقد الهدام، ولكن يخطئون طريقة النقد نفسها، ورأت أنه من الأفضل أن يلجأ الرجل إلى النقد البناء، ويعرف الطريق السوي لتوصيل نقده دون أن يجرح زوجته، كأن يقول لها هذا الثوب جميل، وسيكون أجمل عليك إذا كان لونه هادئ، بدلا من أن يقول لها: ما هذا اللون؟، ألا ترين أنه لا يناسب سنك؟، مؤكدة على أن النقد الهدام لا يجني منه الزوج إلا الخلافات .

واشتكت فدوى.ك من نقد زوجها الدائم لها قائلة:  نقد زوجي الدائم لي بسبب وبدون سبب، ونعته لي بالغبية، يجعلني أفقد الثقة في نفسي، كما أنني أشعر بالكره تجاهه.

وأضافت قائلة: لا أحد ينكر أن للنقد فوائد كثيرة، أهمها تصحيح وتعديل السلوك الخطأ، وأنا أقصد بذلك النقد البناء الذي يكون الهدف منه تصحيح المسار وليس النقد لمجرد النقد، والتقليل من الشأن، لأنه يترك أثرا سلبيا على نفسية المنتقد سواء أكان رجلا أم امرأة ، ونصحت الزوجين بالتعرف على الأسلوب السوي للنقد، واحترام مشاعر كل منهما الآخر، وألا يقوم أي منهما بنقد الآخر أمام الآخرين.

أما هيام .م فتقول: النقد لا يقتصر فقط على الرجال، ولكن هناك بعض السيدات اللائي يلجأن لنفس الأسلوب، حيث تلجا الزوجة إلى  توجيه النقد اللاذع  لزوجها كلما وقع نظرها عليه، الأمر الذي يتسبب في إثارة خلافات لا تنتهي بين الاثنين، ويجعل الزوج ينفر من زوجته، لإحساسه أن زوجته لا تقدره ولا تحترمه، وهو ما يهدد حياتهما الزوجية؛ لأن الزوج لن يقبل بهذه المعاملة، ولن يستطيع التحمل، وستكون هي من جنت على نفسها.

ونصحت الزوجة باحترام زوجها ومراعاة مشاعره، لأن الاحترام والتقدير والمعاملة الحسنة هي ما سيصلح ما تراه الزوجة سلوكا خطأ في الرجل، أما النقد الدائم، وخاصة ما لا يكون  في محله سيقود الزوج للعناد.

واستطردت قائلة: أسهل شيء على الزوجين أن ينتقد كل منهما الآخر، دون مراعاة كل منهما لمشاعر الآخر، فنجد أحد الزوجين ينتقد الآخر في شكله أو ملابسه أو تصرفاته، وسلوكه من أجل الإصلاح، ولكنه يلجأ للأسلوب الخطأ في النقد كأن ينتقد الآخر بألفاظ جارحة، أو ينتقده أمام الأطفال أو الآخرين، الأمر الذي يزيد الفجوة بين الزوجين.

الأسباب والمبررات

وبدورهم أرجع خبراء علم الاجتماع نقد الزوج لزوجته إلى عدة أسباب منها: أن تكون الزوجة متسلطة وذات شخصية قوية، فيلجأ الزوج لنقدها ليلفت نظرها إلى عيوبها وبالتالي يضعف من شخصيتها، وخاصة إذا حاول أكثر من مرة تغييرها دون جدوى، أو أن تكون الزوجة أذكي أو أكثر تعليما من الزوج أو لديها القدرة على التصرف في الأمور من الزوج، في حين أنه يخفق في حل بعض المشكلات، أو تكون أغنى منه، وتنفق من مالها على بيت الزوجية، ودائما ما تذكره بذلك، فيلجأ الزوج للنقد لينتقم منها، أو أن يكون النقد صفه سلبية في الزوج، وهو ما يحتاج إلى تهذيب وتدريب للتخلص من هذه الصفة السيئة، أو أن الزوج قد يلجأ لنقد زوجته لأنه يشعر أنه أعلى مكانة أو أرفع منزلة، مؤكدين على أن الإصلاح بين الطرفين هو الحل في هذه الحالة، وأن على الزوج أن يتعلم التنازل، والقبول بعيوب الزوجة.

وأوضحوا أن هناك أمورا ينتقد الزوج زوجته فيها، ويكون له الحق في ذلك، مثل عدم اهتمام الزوجة بنظافتها، والزوج قد نصحها بلطف ولم تستجب.

نصائح للزوج

ونصح الخبراء الزوج بعدم انتقاد الزوجة أمام الغير، واستخدام التلميح لتوصيل ما يريده، وعدم اللجوء لنقد طريقتها في الطهي، أو تدبير المنزل، أو مقارنتها بطريقة غيرها كالأم مثلا، كما نصحوه بألا ينتقد عواطفها أو دموعها، لأن نقد الزوج في هذه الحال قد يحول ضعفها إلى سخط، وألا يحاول أن يثير مشاكل من الماضي، وعليه الاعتذار عند ارتكاب أي خطأ في حقها، مؤكدين أن هذا الأمر لا ينتقص من كرامة الزوج، وكذلك دراسة ما قد يعرضه للمشاكل بعقل وحكمة.

وبينوا أنه في حال ما إذا كان الزوج مضطرا لنقد الزوجة،  فعليه أن يدع ما يود قوله حتى يكونا على انفراد بعيدا عن أسماع الآخرين، والتحدث إليها  بهدوء، والحرص على استخدام الكلمات الطيبة عند الحديث معها، فالكلمة الطيبة صدقة، وأن يكون انتقاده نابعاً من اهتمام حقيقي بمصلحتها، مبينين أن الفرق بين الزواج الناجح والزواج الفاشل هو غض الطرف عن بعض الأشياء البسيطة التي تحدث بشكل يومي، وأن من يحترم زوجته يحترم نفسه، ومن لا يحترمها لا يحترم إنسانيته.

وحذر الخبراء من استمرار نقد الزوجين أحدهما الآخر؛ لأن هذا الأمر سينعكس سلبا على حياتهما الزوجية ويجعلها جافة، خالية من المودة والرحمة.

تحذير

وفي السياق ذاته حذر محمد رشيد العويد، استشاري أسري، الزوجات من محاولة السيطرة على أزواجهن، وكثرة انتقادهن لهم؛ لأن هذا الأمر يهدد الحياة الزوجية ويعرضها للخطر، مؤكدا على أنه كلما كانت الزوجة أكثر حكمة في تعاملها مع زوجها، وابتعدت عن السلبية والانتقاد  زادت الحميمية بين الزوجين، وأصبح الزواج أقوى، وفق جريدة “النهار” الكويتية.

 ونصح الزوجات بأن يكن أكثر تقديرا واحتراما لأزواجهن؛ لأن هذا سيعطي الزوج القوة ويدفعه لأن يقدم على أمور لم يكن يستطيع القيام بها في الماضي، خوفا من انتقاد زوجته،كما نصحهن بالتفاؤل بما حققنه في حياتهن الزوجية، بدلا من اعتقادهن أن حياتهن لا تسير على ما يرام مع أزواجهن، وأنهن لم يحققن النجاح الذي تمنينه، وتجنب كثرة الجدل وانتقاد الزوج، حتى لا يضيق الرجال ذرعا بزوجاتهن، ويحدث ما لا يحمد عقباه، ومراعاة طبيعة الرجل المختلفة عن طبيعة المرأة، وأن الرجال يتحدثون عن أعمالهم أكثر مما يتحدثون عن مشاعرهم بعكس السيدات، وتقبل تكوين الرجل المختلف عن الزوجة

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا