ما لا تعرفونه عن الشاف الهادي…أسرار ستفاجؤكم
يطالع عدد من المغاربة ملامح طباخ مغربي يعلو وجهه بعضا من الخجل عبر برنامج “صباحيات دوزيم” على شاشة القناة الثانية، وهو يقدم وصفات سريعة وفعالة، بشكل لا يخلو من إبداع، غير أن القليل من جمهور القناة يعرف أن وراء خجل وتواضع الرجل قصة طباخ مغامر عشق المهنة وحملها معه في أرجاء العالم وسط الجزر في قلب المحيطات وبين شعاب الجبال في آسيا وقبلهما داخل أرقى المطاعم في عاصمة الضباب.
رجل في مطبخ النساء
رأى الهادي النور في المنطقة الشرقية و تحديدا بنواحي مدينة زايو. قضى عددا من سنوات طفولته بمشرع حمادي، حيث عمل والده في الأشغال العمومية. منذ سن الثامنة ظهرت ميولات الطفل وعشقه للمطبخ حيث قال الشافي الهادي في تصريحه لهسبريس “كنت أحول مطبخ العائلة الى مختبر أطبخ فيه وجبات مبتكرة لا تنجح أحيانا مما يدفعني الى إخفائها صحبة أختي الكبرى التي كانت دعامتي و صندوق أسراري وسط أسرة محافظة لا تقبل دخول الرجال إلى فضاءات كانت حكرا على النساء”.
في مرحلة العنفوان إنتقل الطباخ من زايو نحو أكبر المدن الشرقية، شهر رمضان، وامتهن طهي الحلويات التي تعرف إقبالا متزايدا في هذا الشهر الذي تحول الى موعد زيارة سنوية الى وجدة حيث صقل الموهبة هناك.
سنة 1990 سافر الشاب الى بلجيكا محاولا أن يجد موطأ قدم هناك غير أن الظروف لم تسعفه ليعود حاملا “خيبته” على أكتافه نحو وطن كانت فيه الموضا آن ذاك هي سفر الطاقات نحو الضفة الأخرى من المتوسط بحثا عن أفق أرحب.
يوم انقشعت الغيوم في عاصمة الضباب
سنة 1998 عاد الشاف الهادي لتجربة التحليق نحو الشمال فتوجه هذه المرة نحو المملكة المتحدة و قصد عاصمة الضباب من أجل البحث عن فرصة لم تأتى في بروكسيل. احترف عاشق الطبخ غسل الأواني لأن ولوج المطابخ لم يكن بالأمر اليسير غير أن مالك أحد المطابخ اللندنية اكتشف أن شغف المهاجر المغربي بعيد عن حنفية الماء و قريب من نار الأفران و هو ما دفع الانجليزي لتجريب الوافد من بعيد. تجربة فتحت الأبواب أمام الهادي الذي انتقل من مطبخ الى مطبخ و من مطعم الى مطعم قصد مراكمة التجارب و الاطلاع على مدارس الطبخ المختلفة.
من مطاعم ايطالية الى أخرى فرنسية إستغل الهادي الفرصة لتقديم وصفات مغربية مصحوبة بلمسة المطعم العالمي الذي إطلع على سحره فالهادي في حديثه لهسبريس يقول “الطبخ أشبه بلوحات تشكيلية أو قطع موسيقية قابلة للمزج متى كان الطباخ رساما قادرا على إعطاء الالوان الزاهية في طبق جميل أو كان موسيقيا قادرا على الخلط المتناغم بين القطع”.
إنتقل الهادي بعد ذلك في رحلة بحث عن تاريخ الطبخ في اسبانيا ثم اليونان و عدد من الجزر المجاورة ثم بعد ذلك الى الهند قبل العودة انجلترا حيث دون رحلات البحث و العمل “لقد عدت مسلحا بتاريخ ما كنت أنجزه بالفطرة.. لقد كانت عاصمة الضباب فرصة لإنقشاع الغيوم في سماء المهنة.” يقول الهادي.
نجم مغربي على شاشات ماليزيا
غنى المطبخ الهندي و احتكاك الطباخ المغربي بتجارب هنود أفنوا حياتهم في طبخ أكلة تقليدية واحدة جعل الرجل يفتح عينيه على عالم الطبخ الاسيوي الفسيح ببهاراته و توابله و روائحه و ألوانه فكان المطبخ أشبه بجواز سفر انتقل به نحو الصين والتايلاند، و سانغفورا ثم ماليزيا.
في ماليزيا زار الهادي 13 ولاية و أنشأ صحبة بعض ممن تعرف عليهم مطعما هناك وقدم للماليزيين الطابق المغربي “بشكل يجعلهم مقبلين عليهم.. لم يكن من السهل إقناع أناس من حضارة بعيدة أكل طبخنا” يقول المحاور.
دخل الهادي الى أدغال ماليزيا حيث يطهى الأرز في “البامبو” ليقدم للسكان هناك طابق الكسكس الذي سواه فوق الحطب معتمدا على أغصان الغابات و الملح و الجزر و الفلفل. الاقبال على الكسكس دفع بالطباخ الى جعل الطاجين أكلة مطلوبة “لأن الشعوب هناك تحب المرق..” يقول الهادي، الذي تحول الى نجم وسط المجتمع الماليزي بفضل إنجازه لبرنامج تلفزيوني في القناة العمومية الماليزية .
ولأن الطيور تحن لأعشاشها عاد الرجل الى المغرب فاستبدل بلاطوهات القناة الماليزية باستوديوهات عين السبع حيث يطل الطباخ بابتسامته الخجولة كل صباح على المغاربة مقترحا وصفات صحية وإقتصادية.
وراء الابتسامة الخجولة للهادي كم هائل من المشاريع و الأحلام التي يتمنى ابن زايو ان ينفذها فوق تراب الأرض التي أنبتته.