لماذا ترفض منال الصديقي العلاج من السرطان؟ هكذا كان تصريحها
منال الصديقي فنانة مغربية شابة تتطلّع بكثير من السلام والمحبّة للتألّق في عالم الفن، تمشي بثبات في طريق الشهرة، لها معجبوها ومتتبّعوها رغم أن أعمالها الفنية ليست غزيرة، أثارت مؤخراً تعاطفاً كبيراً بسبب إصابتها المباغتة بسرطان الثدي. في هذا اللقاء، فتحت منال قلبها لـ “سيدتي” لتحكي مشوار الفن والمرض والأمل.
كم عمرك منال؟
(تضحك) لم تكن لدي مشكلة في إعلان عمري الحقيقي، لكن الكثيرين نصحوني بألا أقوله. على العموم، أنا في الثلاثين سن الحيوية وبداية النضج.
وعمرك الفني؟
لا يزيد عن عشر سنوات أو لعلّه يوازي عمري الحقيقي لأنني لطالما حلمت بأن أكون ممثلة. منذ أن كنت في الروض حينما شاهدت الفيلم المصري «ذهب»، وأنا أحلم وأمثّل وأتماهى مع شخصيات في ذهني.
هل وجدت الفن وأهله كما حلمت به وأنت صغيرة؟
طبعاً الممارسة تظهر لك صعوبات عدّة، لكن شغفك بالفن يجعلك تتغلّب على كل المعوقات.
أنت جميلة ولك حضور خاص، ألا ترين بأنك مظلومة في الفن ولم تأخذي حقك كما يجب؟
شخصياً أعتبر أن الأعمال أرزاق وليس لدي مشكلة بتاتاً في لعب الدور الثاني أو الثالث. المهم أن أقدّم عملي بالجودة المطلوبة.
تبدين محافظة وخجولة، هل دخولك عالم التمثيل هو تحدّ لهذا الخجل الذي يطبع شخصيتك؟
أبداً، أنا اجتماعية جداً وإن كنت أعطي انطباعاً بأنني خجولة للوهلة الأولى. التحدي الذي كان في حياتي هو إثبات قدرتي على دخول عالم التمثيل لأصدقائي في المدرسة والثانوية التي كنت أدرس فيها في مدينة مارتيل بعدما استهانوا بموهبتي وبرغبتي بأن أصبح ممثلة.
الخطوط الحمراء
هل لديك خطوط حمراء لقبول دور ما؟
الخطوط الحمراء يضعها أي فرد في حياته. وقد تختلف من شخص لآخر وفق تربيته وبيئته. شخصياً لا يمكنني أن أقبل أي دور، ولا أحب أبداً أن أخذل جمهوراً يحترمني ويحبني.
يعني أنك لن تقبلي يوماً بدور إغراء؟
أكيد لن أجرؤ، مع احترامي لكل الممثلات اللواتي قد يقبلن بذلك. المسألة تعني الشخص ذاته ولا يحق لي أن أتدخّل في اختيارات الآخرين.
تعيشين اليوم محنة مع المرض، كيف عشت هذه الفترة الصعبة؟
هي فترة صعبة للغاية وقاسية، لم أتقبّل أبداً مرضي. ولم أستسغ أن أصاب بسرطان الثدي وأنا لا زلت في ريعان الشباب. كان الأمر مفزعاً للغاية.
كيف عرفت بأنك مصابة بالسرطان؟
بالصدفة لا غير، خضعت منذ شهرين لريجيم لإنقاص الوزن. وفعلاً بدأ وزني ينزل. لكني لاحظت أني نحفت أكثر مما تصورت وأصابني نوع من الهزال، وذات مرة اكتشفت ورماً بحجم حبة الحمص في ثديي الأيسر، أصابني الفزع وسارعت عند أقرب طبيب. قمت بكل الفحوصات اللازمة لتكتشف الطبيبة أن أوراماً أخرى تنتشر في ثديي الأيمن، فتم استئصال الأورام من خلال عمليتين جراحيتين للثديين، وكانت النتيجة أن أورام الثدي الأيسر كانت خبيثة بينما الأيمن كانت حميدة. والآن أنتظر أن أرتاح من تأثير العمليتين الجراحيتين لأباشر العلاج الكيميائي.
كنت أردّد باستمرار لا أريد العلاج
قلت إنك رفضت المرض، فكيف تقبّلته أخيراً؟
تقبّلته بمساندة عائلتي وإخوتي. كنت أردّد باستمرار لا أريد العلاج وانغمست في حزني وهمّي، لكن الحمدلله المرض كشف لي أن الناس كنوز، ووقفت على شهامة ومحبة الناس التي لا تُباع ولا تشترى. حب عائلتي وأصدقائي وجمهوري جعلني أقوى من المرض وجدّد دماء الإرادة. عرفت أن المحنة في طيّها نعمة وهي حب وعطف الناس.
كيف غيّر المرض حياتك؟
يمرّ يومي في التأمل وتدوين الأخطاء من أجل الاستعداد للعلاج وترتيب حياتي من جديد. لم أقرّر ما سأفعله بعد، لكنني أقضي يومي بين عائلتي مع بعض القراءات ومتابعة بعض البرامج التلفزيونية. أحاول أن أكون إيجابية ما أمكن وأقوّي من عزيمتي لمواجهة هذا الابتلاء.
هل حدّ المرض من حلمك للانطلاق في عالم الفن؟
أبداً الفن هو حياتي، لازلت على العهد. أتمنى أن أستمر بالعمل، لكن لا أدري كيف سيكون وضعي أثناء العلاج الكيميائي. أتمنى ألا تخذلني صحتي وأدعو الله أن يقوّيني لتحقيق أحلامي.
هل تعيشين فقط من الفن أم تمارسين عملاً آخر؟
أنا من الفن وإليه وأعتبر نفسي مبتدئة، ولم أعط ما عندي بعد. ليست لدي موارد أخرى. مازال والدي وشقيقي يساعدانني مادياً. كما أن نقابة الممثلين دعمتني. وأشكر بالمناسبة نقيب الممثلين مسعود بوحسين والمسرحي حسن النفالي اللذين دعمانني كثيراً في محنتي.
أتمنى تجسيد دور شابة تقاوم السرطان
ما هو الدور الذي يمكنك أن تجسّديه الآن؟
هو نفس دوري أو وضعي اليوم في الحياة، أتمنى تجسيد دور شابة تقاوم السرطان لأنني أعرف جيداً اليوم معنى أن تصاب شابة في كامل قواها. قلبي مليء بمشاعر جيّاشة أريد ترجمتها فنياً لأتواصل مع كل المصابات اللواتي يعانين في صمت.
وما هي الأدوار التي كنت تحلمين من قبل أن تقومي بها؟
كل الأدوار تقريباً. مناي أن يكون لي دور قوي لشخصية نسائية تاريخية مثل دور هند بنت عتبة آكلة كبد حمزة بن عبد المطلب أو المغربية فاطمة الفهرية التي شيّدت جامع القرويين بفاس. أريد أن أقدّم دور امرأة قوية أو حتى شريرة ليتعرّف الجمهور على عطاء آخر أستطيع منح التميّز فيه.
هل ندمت لأنك فرّطت في صحتك؟
عشت فترات ضغط كبيرة في حياتي بسبب ظروف شخصية منحتها أكثر من حجمها. التعب والحزن مهيّجان للأمراض. أما بالنسبة للتشخيص، فكنت أحاول باستمرار أن أخضع للفحوصات، لكن الأطباء أنفسهم نصحوني بعدم إجراء الفحوصات بدعوى أني لم أصل لسن الأربعين. لذا أنصح كل الفتيات أن ينتبهن جيداً، فلا سن للمرض.
قلت إنك عشت ظروفاً شخصية عصيبة، هل هي بسبب قصة حب فاشلة؟
(تضحك) لا لا. الحب الذي لا يمنحك الطاقة الإيجابية لا جدوى منه. شخصياً أحسم بسرعة في موضوع الحب، أي شخص يثير عصبيتي أبتعد عنه بعيداً جداً.
ليس في حياتك رجل بعد؟
أنا دلوعة العائلة. البنت الوحيدة وسط ولدين، معاد ومحمد ياسين. وهما معاً ووالدي أعظم الرجال في حياتي.
ماذا تقولين للشابات في مثل سنك؟
أوصيهنّ خيراً بصحتهنّ وبإجراء الفحوصات اللازمة كوقاية لأن التشخيص المبكر للسرطان يسهّل العلاج. وأوصيهنّ بالابتعاد عن التوتر والعصبية وأخذ الأمور بسلام أكبر لأن لا شيء يوازي صحتهنّ وعافيتهنّ.
مساحة خاصة
منال كيف تنظر إلى هذه المعاني:
الحب؟
إكسير الحياة، بدونه تظلم الدنيا.
المال؟
وسيلة لا غير. هو لا يغريني.
الصحة؟
هي نبض الحياة كلّها.
الزواج؟
مؤسسة اجتماعية تُبنى بالحب والاحترام.
الأمومة؟
هبة ربّانية وعطاء بلا حدود.
السرطان؟
مرض لا يخيف ويجب أن نتقبّله لنفتك به بدلاً من أن يفتك بنا.
أمور ندمت عليها؟
القلق الزائد والعصبية.
القدر؟
كل مؤمن عليه أن يؤمن بالقدر خيره وشره.
السعادة؟
أن تكون محاطاً بأشخاص يدافعون معك عن حلمك ويستفزّونك من أجل أن تحيا وتقاوم.
الشهرة؟
عالم ساحر يحتاج التمرّس والاستعداد له.
الغرور؟
لا أعرفه وأبتعد عن كل المغرورين.
الجمال؟
ينبع أولاً وأخيراً من الروح.
الأمل؟
به تستمرّ الحياة