كواليس فيديو الطفلين اللذين أفسدا مقابلة والدهما مع “بي بي سي”.. تفاصيل شيقة يكشفها البروفسور لأول مرة

مع اقتراب انتهاء يوم طويل قضاه روبرت كيلي، خبير الشؤون الآسيوية، في الظهور على شاشات التلفاز أو عبر المحطات الإذاعية من داخل منزله، كان كيلي يتجهز لإجراء مقابلة فيديو حيّة أخرى في تمام السابعة مساءً.

فبعد أن أنهى مشروب الصودا، وأحكم ضبط رابطة عنقه قبل أن يجري مكالمة عبر برنامج سكايب مع قناة “بي بي سي”، نسي أن يغلق باب مكتبه في شقته الكائنة بإحدى البنايات الشاهقة بمدينة بوسان، ثاني أكبر مدن كوريا الجنوبية، وهو الشيء الذي يفعله في المعتاد.

بيد أن سهوه تسبب في إخراج أحد أكثر المقاطع انتشاراً عبر شبكة الإنترنت هذا العام، ليعرض المقطع ظهوراً بارزاً للزوجة والطفلين في مقابلة الجمعة. إذ إن الهمهة التي تخللت الفيديو ألقت بظلالها على المحتوى الخبري الرئيسي الذي كان كيلي بصدد مناقشته على الهواء، الذي يتمثل في “الاتهامات التي تواجهها رئيسة كوريا الجنوبية”.

قال كيلي في مقابلة مع صحيفة ذا وول ستريت جورنال “إنها كوميديا من الأخطاء”.

عندما بدأ كيلي في الظهور عبر شاشة بي بي سي، كانت زوجته كيم جانج إيه، مع طفليهما في غرفة المعيشة تشاهده. ولكي تتأكد من الحصول على نسخة من مقطع المقابلة سجلت كيم مقطعاً لشاشة التلفاز على هاتفها أثناء عرض مقابلة الزوج.

طلبت الأسرة البيتزا لكي يستطيعوا متابعة تطورات الأخبار عن كثب، وأيضاً بسبب ظهور كيلي المتواصل عبر وسائل الإعلام فقد ارتدى ملابس ملائمة، وهي عبارة عن سترة ورابطة عنق، لكنه كان يرتدى بنطالاً من الجينز أكثر راحة لا يظهر بكادر الكاميرا.

عندما بدأت المقابلة، بدأت طفلتهما ماريون في القفز لدى مشاهدة أبيها على الشاشة. ولعلها تعرفت على موقعه الذي بدا أمامها، وهو عبارة عن غرفة موجودة في نهاية الرواق، لتتجول الطفلة إليه وتجده في الداخل. لقد كانت الطفلة في حالة معنوية عالية بعد أن استمتعت بالاحتفال بعيد ميلادها في وقت مبكر من هذا اليوم بروضة الأطفال، حسب ما يقول والدها.

ذهب جيمس، ابنهما البالغ من العمر 8 أشهر خلف شقيقته عن طريق مشاية الرضع، مثلما يفعل أحياناً. استمر تركيز كيم على شاشة التلفاز لتصور زوجها.

ثم ها قد وصلت ماريون وصارت مع والدها في نفس الغرفة وهي ترتدي سترة صفراء فاقعة اللون.

قال كيلي “بمجرد أن فتحت الباب رأيتها على الشاشة”.

كان أسلوب التبختر الذي سارت به ماريون نحو والدها أحد أكثر اللحظات التي حظيت بتسليط الضوء ضمن لقطة بي بي سي التي نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال كيلي، أستاذ العلوم السياسية المشارك بجامعة بوسان الوطنية في كوريا الجنوبية “كانت في حالة مزاجية رائعة ونشيطة بسبب حفل المدرسة في نفس اليوم”.

فيديو: أفضل لحظة بث تلفزيوني حي لهذا الأسبوع حتى الآن

 

تجاوز كيلي الموقف بابتسامة وحاول أن يرشد ابنته بذراعه اليسرى نحو بعض الألعاب بالقرب من المرتبة الهوائية، بينما استمر هو في المقابلة. فقد اعتقد أن بي بي سي سوف تقطع البث لتعرض صورة أخرى، أو أنهم سيحاولون تضييق زاوية الكاميرا.

لكنه لم يحدث، فبعد أن جلست ماريون، كان جيمس يشق طريقه للدخول. وعندما شرع كيلي في الإجابة عن سؤال عن العلاقات بين الكوريتين، انسلَّ جيمس إلى الغرفة خلفه.

قال كيلي “حينها علمت أن الأمر قد قُضي”.

وفي مجهود بطولي لإنقاذ ما تبقى، هرعت كيم فوق أرضية الشقة الخشبية إلى داخل الغرفة مرتدية جواربها، إذ إن الأحذية في المنازل الكورية تُترك عادة على الباب. وقد حاولت كيم أن تكون خارج كادر الكاميرا قبل أن تطوق أبنائها. تقول كيم إن تأخُّر عرض الصورة الحية على التلفاز هو ما تسبب في أنها لم تر الأطفال وهم داخل الغرفة لثوان قليلة.

وقد شوهد الفيديو أكثر من 84 مليون مرة بصفحة بي بي سي على موقع فيسبوك حتى صباح الثلاثاء بتوقيت الولايات المتحدة. كما حظي بتغطية وسائل الإعلام من الأوروغواي إلى نيجيريا وأستراليا، وتناولته آلاف من مقالات الأخبار ومنشورات مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم. كما عبَّر كثيرون عن مشاعر دافئة نحو العائلة، رغم أن المشهد أثار أيضاً بعض الجدل، بما في ذلك الافتراضات التي أشار إليها بعض المتابعين بأن كيم كانت مربية الأسرة.

 

ردود الفعل

يعتبر الفيديو أيضاً أحدث مثال على الحدود القاسية للبث الإعلامي عند تناول الأخبار العاجلة. فعندما تنتشر الأخبار، سوف تحاول الشبكات استضافة الخبراء على الهواء في أقرب وقت، وهو ما جعل المقابلات الحية التي تُجرى من المنزل أكثر شيوعاً، حسب ما تقول كارين كوه، وهي صحفية بوسائل البث الإذاعي والتلفزيوني تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها.

تقول كوه، رئيسة مكتب قناة سي إن بي سي في هونغ كونغ بين عامي 1997 و 1998، إن المذيعين يفضلون استضافة ضيوفهم في الاستوديهات، إلا أن ضغط الوقت يتحكم في كل شيء. وتضيف أن بعض المقابلات الحية التي تجري من المنزل تفتقر تماماً إلى المعايير المتوقع توفرها في المواد المسجلة، لكنها أيضاً امتدحت كيلي ومذيع بي بي سي، جيمس مينينديز، لتعاملهما مع هذا الخلل.

رفضت متحدثة باسم بي بي سي التعليق على المقابلة، كما لم يجب مينينديز على بريد إلكتروني أُرسل إليه لطلب التعليق على ما حدث.

قد تتسبب مقابلات البث الحي التي تشوبها مشاكل في إحداث أثر سلبي محتمل على المسلك الوظيفي للأشخاص المتورطين. فقد شعر كيلي وزوجته بالخوف من حدوث ما هو أسوأ، إذ افترضا أنه لن يتواصل معه أحد مرة أخرى للظهور على التلفاز.

قال كيلي “قلنا إلى بعضنا: ما الذي حدث للتو؟!” مضيفاً أن اللوم يقع بالكامل على كاهله لأنه لم يغلق الباب.

وقد راسل بي بي سي على الفور ليعتذر، ولكن في غضون 15 دقيقة سأله المذيع إن كان من الممكن أن يضع مقطع المقابلة على الإنترنت. رفض الزوجان في البداية لشعورهما بعدم الراحة من أن الناس قد تسخر من طفليهما. لكنهما اقتنعا في النهاية أن الفيديو سيبين أنهم كانوا مجرد عائلة عادية.

 

الأمور خرجت عن السيطرة

 

وقد اتضح لهما خلال ساعتين أن الفيديو سيؤرق حياتهم. قال كيلي إن إشعارات تويتر وفيسبوك خرجت عن السيطرة بعد أن شارك الناس الفيديو على شبكة الإنترنت. وفي اليوم التالي، ضبط كيلي هاتفه على وضع الطيران بعد أن صار عدد رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات، وكثير منها من صحفيين، ضخماً للغاية.

قضى الزوجان معظم وقتهما، يوم السبت، وهما يحاولان أن يقررا كيف سيتعاملان مع كل هذا الاهتمام. إذ جاءتهم فيضانات من العروض التي قدمتها لهم شبكات التلفزيون الرئيسية في الولايات المتحدة. فضلاً عن أن بعض الصحفيين تتبعوا والديّ كيلي في الجانب الشرقي من مدينة كليفلاند ليسألوهما عما حدث.

قال كيلي “رفضنا التعليق لأننا لم نعرف ما الذي نفعله”.

ظهر ابن كيلي في مقابلة فيديو من المنزل، وهو يجلس على رجله ويقرع المكتب ولوحة المفاتيح، بينما ابنته البالغة أربعة أعوام كانت تلعب “حجرة – ورقة – مقص” مع الأم.

قالت كيم “إنه عادة يغلق الباب. وفي معظم الوقت يعودون إليّ عندما يجدون الباب مغلقاً. لكنهم لم يجدوه (مغلقاً)، ثم وجدت الباب مفتوحاً. لقد كانت فوضى بالنسبة إلي”.

يصف كيلي رد فعله بأنه مزيج من المفاجأة والإحراج واللهو، لكنه أيضاً من الحب والعاطفة. قال الزوجان إنهما لم يكونا غاضبين، ولم يؤنبا الطفلين. قال كيلي “إنني أعني أنه كان لطيفاً بشكل رهيب. لقد رأيت الفيديو مثل أي شخص آخر. قامت زوجتي بعمل رائع في التعامل مع موقف غير متوقع على الإطلاق بأفضل طريقة استطاعت القيام بها… كان مضحكاً. إن شاهدت الفيديو ستجد أنني كنت كما لو أنني أجاهد حتى لا أطلق ضحكاتي. إنهما طفلان، وهكذا تسير الأمور”.

يخطط كيلي وزوجته أن يعقدا مؤتمراً صحفياً في جامعته ليجيبا عن أسئلة وسائل الإعلام الكورية، التي عبرت عن اهتمامها الكبير بالفيديو. إلا أن أهم شيء بالنسبة إليهما أن الناس يمكنهم أن يسخروا من الفيديو لأنه عن حياة عائلية صادقة لكنها عادية.

قال كيلي “أجل كنت محرجاً، ولكني أيضاً أريد أن يشعر أطفالي بالراحة وهم يأتون إلي”.

www.huffpostarabi.com

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا