المهرجان الوطني السابع لفنون أحواش في يومه الثالث “التراث اللامادي بدرعة تافيلالت” في ندوة علمية
في إطار فعاليات الدورة السابعة للمهرجان الوطني لفنون أحواش الذي تحتضنه عاصمة السينما مدينة وارزازات احتضن قصر المؤتمرات بالمدينة، أشغال الندوة العلمية الثانية التي تمحورت حول “التراث اللامادي بدرعة تافيلالت”، وشارك فيها كل من د. مولاي الحسن مغار أستاذ باحث بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، ود. ابتسام تملاين باحثة في تاريخ الجنوب الشرقي المغربي، ود. إبراهيم اجهبلي أستاذ باحث علم الاجتماع والانثروبولوجيا بجامعة مولاي سليمان بابن ملال.
استهل د.ابراهيم أجهبلي مداخلته حول موضوع “رمزية الألوان بين المقدس واللامرئي في الطقوس الكناوية بدرعة تافيلالت”، بتعريف تراث كناوة، قبل أن يفصل في مقاربته من خلال محوري: “ارتباط اللون بالمقدس واللامرئي” و”بلاغة اللون في الطقوس الكناوية”. الباحث بعد تقديم تعريف لمفهوم المقدس عند عدد من الباحثين مثل دوركايم وكايبر وغيرهما، تحدث عن كناوة كممارسة طقوسية روحية تصوفية تشتغل على عدد من الألوان باعتبارها سفرا روحيا، وفي مقدمتها اللون الأبيض الذي يرتبط بالدين الإسلامي ويجعل باقي الألوان تذوب في طهارته وصفائه، ثم اللون الأسود باعتباره لونا كناويا بامتياز، والذي يحيل على الأصول الإفريقية السوداء لهذا الفن، ثم اللون الأخضر الذي يحيل على الأولياء والصالحين، والأحمر والأزرق ثم الأصفر، ولكل منها رمزيته وأبعاده في الممارسة الطقوسية الكناوية.
من جهتها تناولت د. ابتسام تملاين موضوع “عادة بوجلود بسوس وواحات الجنوب الشرقي” كدراسة سوسيو ثقافية للتراث اللامادي بالواحات. واعتبرت أن عادة “بوجلود” أو “بلماون” من العادات الأصيلة التي رسخت في الذاكرة الجماعية التي ما انفكت تقاوم النسيان والزوال، على الرغم من اختلاف تسمياتها ودرجة حضورها من منطقة إلى أخرى، حيث بقيت حاضرة في الثقافة الشعبية لجل المغاربة في العديد من مناطق البلاد ومن بينها الجنوب الغربي وخاصة منطقة سوس وبعض الواحات المتاخمة لها. وأوضحت الباحثة أن هذه الممارسة الاحتفالية التي تختلف الفرضيات حول منشأها التاريخي، اقترنت في بعيد الأضحى، مما اكسبها نوعا من الاستمرارية، وهي ممارسة ذات طابع فرجوي مسرحي من حيث الشخوص والألبسة، والحركات والمشاهد، غير أنها وقفت عند الكثير من التشوهات التي يتعرض لها حاليا هذا التراث اللامادي المغربي.
أما د. مولاي الحسن مغار فقد تناول في مداخلته موضوع “المجال والفرجة بقصور الرتب بتافيلالت تراث لامادي – قصر أولاد عميرة نموذجا”، انطلق في مستهلها من ملاحظة أن موضوع القصور والواحات ظل لردح من الزمن حكرا على تخصصات علمية محددة كالسوسيولوجيا والجغرافيا، في حين ركزت الدراسات التاريخية على المدن والحواضر الكبرى ناسية أو متناسية التأريخ للبوادي وأهلها، فكان بذلك التهميش والإهمال نصيب باقي الفضاءات الخارجة عن نطاق المدن، رغم ما لعبته من أدوار كبرى في اقتصاد الدول وفي رسم خريطتها السياسية والاجتماعية. بعد ذلك حاول الباحث في إطار اهتمامه بالهامش أن يجيب على أسئلة من قبيل “ما أهم التعبيرات الثقافية والأشكال الفرجوية بقصور أولاد عميرة؟ وما الثابت فيها وما المتحول؟ وهل استطاعت بعض الظواهر الفرجوية الصمود أمام المتغيرات التي أملتها ظاهرة العولمة؟ أم أن كثيرا منها توارى إلى الخلف وولى إلى غير رجعة؟ وما دلالات الظاهرة الفرجوية لدى ساكنة هذه التنظيمات وما علاقة ذلك بالمجال الذي أفرزها؟.
مداخلات الندوة التي أدارها د. عبد الرزاق السعيدي، وتابعها جمهور غفير من الباحثين والمهتمين والممارسين لفنون أحواش، تبعتها مناقشة وقفت عند عدد من الإشكالات التي طرحتها العروض الأكاديمية الرزينة.
يذكر أن المديرية الجهوية لوزارة الثقافة والاتصال- قطاع الثقافة، ستصدر أشغال الندوتين الأولى والثانية لهذه الدورة من مهرجان فنون أحواش، في كتاب جامع ضمن الجهود التي تبدلها في مجال التوثيق لتراثنا اللامادي بجهة درعة تافيلالت.
تصوير نسيمة بلمو