السمنة و العلاقة الحميمة

أصبحت السمنة من الأمراض الأكثر نمواً وانتشاراً في جميع المجتمعات الإنسانية، وتؤثر على كل شرائح المجتمع وبجميع الأعمار، وينتج عنها العديد من الأمراض مايدعو إلى التوعية بخطورة السمنة والحث على تغيير نمط الحياة، والحرص على المحافظة على الوزن المعقول للرجل والمرأة على حد سواء. وفي هذا الإطار قامت العديد من المراكز البحثية في إجراء الأبحاث الطبية؛ لمعرفة مدى تأثير السمنة على العلاقة الحميمة لدى الرجل والمرأة، وأظهرت النتائج أن التأثير السلبي للسمنة لا يتوقف عند النظرة السلبية للشكل الخارجي للجسم، وإنما يشمل التأثير السلبي حتى الأعضاء للرجل وبصورة أكبر عند المرأة، والذي يلعب دوراً أساسياً في العديد من حالات العقم.

©sayidaty.net

الحالة:
الرسالة التالية وصلتني من أبو عبدالله، الذي يقول إنه فكر في الاستعانة بالمجلة؛ لتقديم النصح لزوجته من دون أن يجرح أحاسيسها؛ لتنتبه إلى نفسها ووزنها الذي يتعدى 100 كغ، على الرغم من أنها ليست طويلة القامة، وهو حريص جداً على مشاعرها، فهي بالنسبة له أكثر من زوجة وصديقة، خاصة في دعمها له ولجميع أفراد الأسرة طوال فترة الابتعاث، المشكلة كما يقول هي أن الزوجة بدأت في إهمال المظهر الخارجي، وأصبحت تعاني من السمنة بصورة كبيرة بعد إنجاب الابن الثالث، ما جعل الرغبة بالعلاقة الحميمة لديها أقل بكثير مما سبق، وأيضاً أصبحت زيادة الوزن لديها تؤثر عليه، فلم يعد يستطيع الشعور بنفس القدر من الإثارة أو المتعة أثناء اللقاء الحميم، الذي أصبح علاقة أشبه ما يكون «بتأدية واجب»، الأمر الذي جعله يطرح الموضوع على أحد الأصدقاء المختصين في التغذية، والذي أشار عليه بأن يطلب من الزوجة أن تتبع «حمية قاسية»؛ حتى تسترجع رشاقتها، ويقول بأنه عرض على زوجته الفكرة، وصدم من ردها؛ حيث قالت: «أنت أيضاً لديك سمنة، وأصبحت العلاقة الحميمة صعبة»، وهنا بدأ يفكر في الحل خاصة وأن وزنه فعلا تعدى 95 كيلو.
ويسأل هل فعلاً للسمنة تأثير على العلاقة الحميمة؟ وهل العلاج في العمليات الجراحية الحديثة لتقليل الوزن؟ أم أن هناك أساليب أخرى للعلاج؟
الإجابة:
أخي الكريم: مسألة السمنة وزيادة الوزن أصبحت من أخطر الاضطرابات الغذائية في تأثيرها على الصحة العامة، وأيضاً الصحة الجنسية للفرد. وقد أظهرت الدراسات أن أكثر الأشخاص إصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري، أو ارتفاع ضغط الدم أو الجلطات القلبية والدماغية تنتج عن أسباب، تأتي السمنة على رأسها، وأيضاً أظهرت العلاقة الوطيدة بين الكثير من الاضطرابات الجنسية مثل: فقدان الرغبة الحميمة، وعدم القدرة على الانتصاب نتيجة السمنة. فنجد ارتفاعاً في حالات العقم والسمنة عند النساء، وكلما ارتفعت نسبة كتلة الجسم (BODY MASS INDEX = BMI) ازدادت معدلات التأثير السلبي على الأداء، وأيضاً هناك تأثير موضعي على حجم العضو التناسلي لدى الرجل مع السمنة، خاصة في منطقة البطن والحوض، ما يجعل العملية الجنسية أكثر صعوبة، وأقل درجة في تحقيق الرضا الجنسي. وتؤثر زيادة الشحوم في الجسم على الأعضاء الداخلية، فلا يصبح الأثر فقط على المظهر الخارجي، وإنما يشمل التأثير على أداء الأعضاء الداخلية التناسلية، وهو الأمر المسبب للكثير من حالات العقم لدى النساء.
وقد وجد أن التأثير السلبي للسمنة يكون أشد على النساء منه على الرجال، خاصة فيما يتعلق بالنظرة الحميمة ومستوى الإثارة، وينعكس ذلك سلباً على الثقة بالنفس، ما قد يجعل المرأة أكثر عرضة للإصابة بأمراض الاكتئاب والقلق، وهي أمراض تسبب بحد ذاتها اضطرابات سلبية على الرغبة، كما نجد أن تراكم الدهون أثناء الحمل وبعد الولادة عند المرأة يحتاج إلى برامج إعادة اللياقة البدنية، والمحافظة على الوزن المقبول (وليس بالضرورة الوزن المثالي مع مراعاة للتغيرات الفيسيولوجية مع التقدم في العمر)، وهنا تأتي ضرورة الاهتمام بنوعية الغذاء والمحافظة على الحركة الجسدية، مع الاستمرار في التواصل والدعم بين الزوجين، وهنا أقدم بعض الإرشادات التي تجعل العلاقة الحميمة أقل تأثراً بالسمنة وزيادة الوزن:
أولاً: الحرص على المحافظة على الوزن المقبول في الحدود التي تناسب عمر وطول الجسم لدى الزوجة والزوج، مع التأكيد على ضرورة اتباع برامج واقعية؛ لمحاربة السمنة والتي يفضل أن تكون تحت إشراف طبي منتظم، ومن الأمور التي يجب التنبيه هنا عليها مدى مناسبة العمليات الجراحية لمعالجة مثل هذه الحالات التي تعاني من السمنة. هذه العمليات لها معايير طبية يجب أن تتبع في اختيار الحالات؛ حتى لا يحدث مضاعفات خطيرة للمريض.

ثانيا: تحتاجان إلى تغيير نمط الحياة، وجعل الرياضة جزءاً أساسياً في الجدول اليومي لكما، وأفضل أنواع الرياضة المناسبة هي المشي السريع، وتستطيع أن تشارك زوجتك في ذلك.

ثالثاً: تحفيز الرغبات لديكما يتم عن طريق التحدث عن المشكلة، والتي من الواضح أنها تؤثر عليكما دون أن تتحدثا عنها مسبقاً، من المهم عدم اتباع أسلوب اللوم أو الشكوى فقط، وإنما التحدث عن الحلول ومعرفة ما إذا كانت السمنة فقط هي المسبب الرئيسي لهذا الخلل في العلاقة الحميمة، أم أن هناك أسباباً أخرى غير ظاهرة مثل الضغوط النفسية في مكان الابتعاث، فيجب التعرف على الأسباب التي تؤثر على القدرة والرغبة، والعمل على وضع الحلول لها من جانبكما معاً.
رابعاً: عدم الانقطاع عن الممارسة الحميمة، وواضح من طريقة عرضك للمشكلة مدى حرصك على زوجتك، وهو أمر يثير الإعجاب ويستحق التقدير منكما ولكما معاً.
خامساً: قد يكون من المفيد اتخاذ بعض الأوضاع؛ لجعل العلاقة الحميمة أكثر يسراً، وبالتالي يقل التأثير الجسدي لزيادة الوزن على أسفل الظهر أو على الدورة الدموية؛ حتى يتم التخلص من هذه الشحوم المتراكمة على الأعضاء الداخلية، والتي حتماً تقلل من مستوى اللياقة البدنية، والتي يظهر تأثيرها السلبي على الممارسة الحميمة.

نصيحة
خطر السمنة لا يتوقف عند التأثير السلبي على المظهر العام للجسد، وإنما يتعداه إلى التأثير على القدرة والرغبة الجنسية لدى الرجال والنساء، ولذلك يجب الاهتمام بتغيير نمط الحياة والتخلص من الشحوم التي تؤثر على الأعضاء الجنسية الداخلية للإنسان، بالإضافة إلى تأثيرها على باقي أعضاء الجسم، وما ينتج عنها من فقدان الرغبة في الممارسة الحميمة.

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا