“الساعة الجديدة” بين مرّحب بها ومتضايق منها بالمغرب

دخل المغرب غمار البلدان التي تتعامل بالساعة الصيفية (أو الساعة الجديدة بالتعبير الدارج) منذ مارس 2012 الذي صادقت فيه الحكومة على مشروع مرسوم يقضي بإضافة ستين دقيقة إلى الساعة القانونية، بدءاً من الأحد الأخير من شهر مارس إلى حدود الأحد الأخير من شهر شتنبر من كل سنة مع استثناء رمضان، قبل أن تقوم بتعديل آخر في السنة الموالية عندما مدّدت العمل بالساعة الإضافية إلى الأحد الأخير من شهر أكتوبر.

تباينت ردود فعل المغاربة منذ ذلك الوقت إلى الآن، حيث لا زال هناك من لا يقبل بهذه الإضافة، ويصرّ على استخدام التوقيت القديم، خاصة في صفوف الحرفيين والتجار ومن لا يعملون في الإدارات الرسمية. ومن علامات عدم تقبل تغيير التوقيت، تمييز كثير من المغاربة بين “الساعة القديمة” و”الساعة الجديدة” عند حديثهم عن مواعيدهم.

كما وقه نوع من اللبس في الآونة الأخيرة حول اليوم الذي سيتم فيه إقرار الساعة الإضافية من جديد بعد انقضاء شهر رمضان الذي شهد استخدام التوقيت العادي، فخبر إعلان الحكومة عن عودة الساعة الإضافية في اليوم الثاني من غشت، لم يصل إلى المواطنين كما ينبغي، ليصير السؤال “إمتا غادي يزيدو ساعة” غالباً في الكثير من الأحاديث التي تلت شهر الغفران.

رشيد موهيب، مساعد في محل لبيع الأسماك بمدينة أكادير، أكد أن المحل لم يشتغل أبداً بالساعة الإضافية، وأنهم يعملون بالوتيرة نفسها قبل سنة 2012 دون أن تأثير، فطبيعة عملهم لا تلزمهم بإضافة ساعة:” نستقبل الأسماك من عند المُوّرد صباح كل يوم في الساعة التاسعة صباحا، ونبدأ باستقبال الزبناء من منتصف النهار حتى الساعة العاشرة ليلاً، ولم يسألنا أحد يوماً عن ضرورة البدء مبكراً أو الانتهاء بشكل متأخر”.

ولا يعير رشيد أي اهتمام لتغيير التوقيت القانوني بالمغرب باسثتناء أحد الأيام التي كان فيها مطالباً بالسفر إلى مدينة أخرى، فكان ملزما بالحضور إلى محطة الحافلات ساعة قبل الموعد :”لم أشأ زيادة ستين دقيقة إلى ساعتي، كل ما فعلته عندما أخبروني بموعد السفر الذي كان الساعة التاسعة ليلاً بالتوقيت الجديد، أن وصلت هناك في تمام الساعة الثامنة بالتوقيت الذي أستعمله”.

وكما لا يتضايق رشيد من التوقيت الجديد بعدم استعماله من الأصل، فعصام دروى، طالب بمدينة وجدة، لا يتضايق منه هو الآخر ما دام يأتي خلال فترة العطلة في أغلبه إلّا خلال الشهرين الأوليين والأخيرين من الموسم الجامعي، معترفاً أن الساعة الإضافية تسبب بعض الارتباك، إلّا أنها في صالح الاقتصاد الوطني:

“أغلب البلدان المتقدمة تقرّ هذا التغيير في التوقيت لما له من إيجابيات على المستوى الاقتصادي، كل ما علينا فعله هو معالجة الإشكالات التي قد تنجم عن هذا التغيير، والدفع بالمواطن إلى محاولة الانسجام مع التوقيت الجديد”.

في جانب آخر، يؤكد إيدر أوحكا، إطار في الفلاحة من مدينة أولاد تايمة، أن التغيير في الساعة القانونية يضايقه بشكل كبير، فعائلته تعتمد التوقيت العادي على الدوام، وهو ما يخلق له بعض الارتباك في الوقت الذي يلتقي قيه بهم، كأوقات الوجبات مثلاً التي تجبره على تناول الغذاء بمفرده في الكثير من الأحيان لالتزامه بأغراض مهنية.

ويقول إيدر إنّ الأوساط الشعبية لم تندمج حتى الآن مع الساعة الإضافية، لا سيما مع التمديد في فترتها، والعودة إلى التوقيت العادي في رمضان، ثم التوقيت الصيفي من جديد، معتبراً أن الارتباك الذي يخلّفه هذا التوقيت، يؤثر بشكل سلبي على وتيرة الحياة لدى الكثيرين.

ويقرّ الفاعل الجمعوي صلاح الدين عبقري، من مدينة الرباط، بإيجابيات الساعة الإضافية، فهي تقلّص الفارق الزمني بين المغرب وشركائه الاقتصاديين، وتمكّن من اقتصاد الجانب الطاقي، إلّا أنه على المستوى التنظيمي، تعرف مثل هذه القرارات تردداً وارتجالية كبيرة من طرف الحكومة التي تراجعت مرتين في العودة إلى الساعة القانونية.

واعتبر عبقري أن ارتجالية الحكومة تعكّر صورتها وتضع علامة استفهام حول طريقة اتخاذ القرارات الأخرى الأكثر تأثيراً في حياة المواطنين، متسائلاً:” هل يجب تصنيف قرار إضافة ساعة في خانة القرارات التنظيمية على شكل مرسوم أم يجب السمو به الى قانون يناقش ويصوّت عليه داخل البرلمان؟”

وكانت وزارة الطاقة والمعادن، قد أشارت إلى أن إقرار الساعة الإضافية يهدف إلى تحسين هامش احتياطي الكهرباء خلال ساعات الذروة، وتوفير قرابة مليون درهم في اليوم الواحد خلال فترة اعتمادها. كما تحدثت الوزارة، في وثيقة سابقة صدرت عنها، إلى أن هذا الإجراء سيقتصد في الطاقة بنسبة 15% في أفق 2013.

© hespress

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا