قصة عروس مغربية قتلها الجهل
“عفيفة لم تنتحر، عفيفة قتلت، و القتلة أحرار”. هكذا علقت سمية أخت عفيفة التي لم يمض على حفل زفافها إلا أسبوع واحد لتزف إلى قبرها، وهي تسرد حقيقة ما وقع لسارة كما سمعتها من أختها قبل وفاتها.
لازالت عائلتها غير قادرة على تصديق أن عفيفة ماتت. يتذكرون كيف كانت سعيدة جدا بزواجها، منذ أن عقدت قرانها على شاب في ال39 من عمره، وهو من أبناء المنطقة التي تقطن بها بضواحي بني ملال، ومهاجر بالديار الإيطالية، انتظرت بشوق أن يأتي ذلك اليوم الذي تزف فيه لعريسها. تقول أختها سمية ” تربيت مع عفيفة و أعرفها حق المعرفة لو لم تكن بكرا لما وافقت على الزواج”.
في ليلة دافئة من شتنبر، احتفلت العائلة بزفاف عفيفة. كانت هذه الأخيرة لاترفض طلبا لعريسها و تمتثل لكل أوامره، حتى عندما طلب منها أن تلبس الخمار وافقت بدون قيد أو شرط.
في تلك الليلة التي شهدت حفل زفافها سوف تنقلب حياتها كليا، بعد أن علا صراخ زوجها وبدأ يصفعها و يجرها من شعرها بدعوى انها لم تكن بكرا. توسلت سارة للزوج و نفت ادعاءاته بكل قوتها. بكت. لطمت خديها. صدحت بكل صوتها أنها بكر ولم يسبق لها أن ربطت أي علاقة مع أي كان. لكن زوجها الذي يكن يسمع إلا صوته ظل على موقفه.
في اليوم الموالي استدعى أفراد عائلته، و قرروا أن يصحبوا عفيفة لطبيبة حتى يتأكدوا ما إذا كانت بكرا أم لا. أخبرتهم الطبيبة بأن العروس من اللواتي لديهن غشاء بكارة يتطلب تدخلا طبيا. تنفست عفيفة الصعداء وظنت أنها حصلت على صك البراءة، لكنها ما إن غادرت رفقة زوجها وشقيقته و صهره، حتى طلب هذا الأخير من العريس بأن يعود للطبيبة و يطلب منها شهادة تثبت كلامها، و رفضت الطبيبة منحه الشهادة التي طلبـ لأنها قانونا غير موجودة و لا يحق لها اختلاق وثائق لا يقرها القانون، علا صوته و بدأ يرغي و يزبد فطلبت منه بهدوء أن يغادر رفقة زوج شقيقته و وصفتهما بالجاهلين، لكنهما لم يغادرا إلإ تحت القوة بعدما استدعت رجال الأمن.
في تلك الليلة فرض العريس على عفيفة أن تشاهد فيديو لامرأة تزوجت من جني لأربعين سنة، ثم بدأ يرعبها بأنه قد يكون هو ذلك الجني. أمضت المسكينة ليلتها وهي تتقلب وتفكر في مصيرها، وفي اليوم الموالي اصطحبها الثلاثة من جديد لمدينة مجاورة. جلس الأربعة في مقهى وأخرج صهر العريس هاتفه النقال ثم طلب منها أن تعترف بعلاقاتها السابقة وهو يسجل كل ما تقوله. نفت عفيفة كل الاتهامات الموجهة لها جملة و تفصيلا، ليخبرها العريس وصهره أنها إن لم تعترف بما اقترفته سوف يصحبانها للقرية و يدعون السكان لرجمها هناك لأنها زانية. بكت المسكينة بحرقة. توسلت لهم ألا يفضحوها مع أهلها لأنها لم تقترف أي ذنب.
لم تتحمل عفيفة كل هذا الضغط و تهديدات عريسها و عائلته بفضحها وسط الناس، و هي التي تنحدر من عائلة محافظة معروفة بتدينها و صيتها الحسن و تحظى باحترام كل سكان القرية. توسلتهم أن يرجعوها إللى بيت أبيها و أخبرتهم أنها ستتنازل عن كل شيء و سترجع كل هداياهم.
بعد أيام من العذاب النفسي قررت عفيفة الهرب. استقلت سيارة أجرة كبيرة و توجهت صوب المدينة. هناك حاولت أن تشتري سما لإنهاء حياتها بعد أن اسودت الدنيا في وجهها، لكنها لم تقو على تنفيذ فكرتها، فاتصلت بصديقتها التي تسكن في مكان قريب، و طلبت منها المجيء. حاولت صديقتها أن تهدأ من روعها و أقنعتها بالقدوم معها إلى بيتها. اتصلت صديقتها بعائلة عفيفة لتطمئنهم و تخبرهم بمكانها، خاصة و أن العريس أخبرهم بهروبها لأنها لم تكن بكرا.
“عندما جاءت عفيفة للبيت كانت في شاحبة الوجه. قلة النوم و الأكل لونها جعلاها ترتجف كغصن شجرة ضعيف. لم تكن تقو حتى على النظر في وجوهنا” تقول سمية. عندما لمحت شقيقها الأكبر كادت تسقط على الأرض. رجلاها لم تكن تحملانها من الخوف و الخجل، لكنه أسرع إليها و ضمها لصدره وبدأ يعانقها و يطمئنها: ” الكابوس الذي عشته رفقة ذلك الوحش انتهى، انت بأمان الآن و أقسم أنه و عائلته سيدفعون ثمن كل مافعلوه بك”.
في تلك الليلة حاول الجميع تهدءتها. كل واحد يحاول أن يقنعها بأن تنسى هذه التجربة السيئة. و نامت بعد نوبة بكاء أنهكت قواها الخائرة أصلا، و في ساعة متقدمة من صباح اليوم الموالي سمعت سمية التي كانت ترقد بجانبها أنينها ولما سارعت لرؤيتها وجدتها فاقدة الوعي.
حملوها لمستشفى المدينة الكبير. هناك أخبروهم هناك أن ابنتهم تعرضت لضغوطات نفسية شديدة، سببت لها بجلطة في المخ، و دخلت على إثرها في غيبوبة.
كل الفحوصات التي أجريت لها أثبتت انها لم تتناول أية مادة سامة و بأنها تعرضت لجلطة في المخ أدخلتها في غيبوبة.
لم تطل غيبوبتها كثيرا، حيث فارقت الحياة مساء نفس اليوم. دفنت و نقش الحناء لازال بيديها، لتزف لقبرها و تنتقل إلى جنب الله الذي كان بها رحيما.
و أنتم ما رأيكم؟
ملاحظة: هذه قصة خيالية مستوحاة من أحداث حقيقية، في بعض المرات الحقيقة تكون أغرب من الخيال
الصورة تعبيرية