التقرّب من المقهورين … سلوك سياسي ينتعش في الحملات الانتخابية

في كل انتخابات محليّة، يخرج المرّشحون إلى الشوارع يتصدرون الجموع التي تهتف بأسمائهم وأسماء أحزابهم، يبحثون عن المناطق الفقيرة كي يُطلقوا وعودًا القليل منها هو ما يتحقق، أو يلتقون بأشخاص ينتمون إلى فئات اجتماعية هشة بحثًا عن صورة تزكّي فكرة انتمائهم إلى الطبقات الشعبية، أو يعلنون في تجمعاتهم الخطابية أنهم “ولاد الشعب” وأنهم يحسّون بالمشاكل الكبيرة التي تعانيها الفئات المسحوقة.

غير أن المشهد لم يعد منحصرًا في مدن وقرى المملكة، بل وصل امتداده إلى فيسبوك، زعيم حزبيٌّ يتناول “صيكوك” عند بائع متجول كثيرًا ما كان عرضة للطرد من الشارع العام في الأوقات العادية، وزيرة سابقة مرشحة للانتخابات تحيي ميكانيكيًا وتبتسم له رافعة رمز حزبها، رئيس حزب يتناول “الكرموس الهندي” عند بائع متجول، وآخر يلتقط صورة مع واحد من ذوي الاحتياجات الخاصة.

مجرّد أمثلة عن تواصل يصفه الكثير من المتتبعين بالموسمي وبالباحث عن المصلحة الانتخابية، خاصة وأن حملات الانتخابات الجماعية التي تعرف سباقًا محمومًا نحو رئاسة الجماعة أو البلدية، تصير فيها كل الطرق الباحثة عن إقناع المواطنين بالتصويت ممكنة، فليس الحرص على التواصل الشعبي هي الطريقة الوحيدة، إذ هناك طرق أخرى متعددة منها اللجوء إلى موائد الطعام والاستنجاد بالنسب والعائلات وعلاقات الجوار.

في هذا السياق، يتحدث رشيد جرموني، أستاذ علم الاجتماع بمكناس، أن ظاهرة التقرّب من الفئات الهشة في الحملات الانتخابية ليست جديدة، إذ تعود إلى عقود من الممارسة الانتخابية، متحدثًا أن الكثير من المرّشحين يحاولون استغلال الهشاشة الاقتصادية والفكرية للمواطنين قصد التأثير عليهم، بيدَ أن المجتمع المغربي بشكل عام، ملّ من هذه الطرق الموسمية، إذ تُقابل خرجات المرّشحين بعدم الاكتراث، وأحيانًا حتى بالهجوم عليهم وانتقادهم.

 

التقرّب من المقهورين .. سلوك سياسي ينتعش في الحملات الانتخابية

ويضيف جرموني أن تغاضي السلطة عمّا يجري في الحملات الانتخابية يعزّز من هذه الطرق، فتسامحها مع الباعة المتجولين ومع الأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة خلال فترات الحملات الانتخابية لتشجيعهم على التصويت، يستغله المرّشحون لتلميع صورتهم وللتواصل مع المواطنين ومحاولة كسب أصواتهم بإطلاق وعود لا توجد في برامجهم الانتخابية، وأحيانًا تفوق حتى قدرة واختصاصات الجماعة.

ويتحدث جرموني أن جلّ الأحزاب المغربية، بما فيها حزب العدالة والتنمية، تبحث عن هذا التواصل الموسمي الذي يكرّس من القطيعة الحاصلة بين المواطنين والشأن الحزبي، فعوض فتح أبواب المقرّات أمام الناس على مدار السنة، يتم البحث عند كل حملة انتخابية عن دغدغة العواطف وإطلاق الوعود الهلامية وتقديم صورة مغايرة عن حقيقة المرّشح، الأمر الذي يبخس العمل السياسي بشكل عام.

هسبريس – إسماعيل عزام

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا