30 دقيقة أنقذتني من 55 كيلو من وزني…قصة كفاح ونجاح

 

30 دقيقة أنقذتني من 55 كيلو من وزني...قصة كفاح ونجاح

لزعماء المافيا جملة مرعبة يستخدمونها في المفاوضات التي لا تحتمل المماطلة،  فقولهم “سأقدم لك عرضاً لا يمكن رفضه”، معناه وببساطة إما أن تقبل العرض أو تموت. وقد قدمَت السمنة لي عرضاً مماثلاً “إما أن تتخلص مني أو تموت”. ثم كان المشي منقذي من هذا العرض المرعب، فقدم لي عرضاً آخر لا يمكن رفضه“جربني ولن تندم”

كان فيلم 23 ساعة ونصف الذي ترجمه ودبلجه د. صالح الأنصاري في مركز تعزيز الصحة هو المطرقة التي هوت على صندوق أعذاري فدمرته، ولم تترك لي عذرا واحداً صالحا. فنحن نحتفظ بأكبر صندوق أعذار في عقولنا، ونقتبس من هذا الصندوق ببراعة شديدة الكثير من الأعذارعندما نُطالب بالاهتمام بصحتنا أو التخلص من عاداتنا السيئة.

 

قصة فيلم

حاربت السمنة عدة مرات، وقرأت عنها عدة كتب. ومنذ 6 سنوات خسرت ما يقارب 40 كيلوجراما من وزنى باتباع نظام غذائي قاس مع مشى، ثم استعدت هذا الوزن وفوقه أكثر لأني أخطأت خطأ جوهريا حين اعتمدت نظاما غذائيا قاسيا ونظاما رياضيا له مدة صلاحية. وبمجرد وصولي للوزن المنشود عدت للأكل السيء وتوقفت عن المشي. وقد كانت تجربتي تلك مجرد انتباهه عابر وليست يقظة واعي. وكان هدفي ظاهريا وليس جوهريا. هذه التجربة رسخت في ذاكرتي أن إنقاص الوزن ليس مستحيلا، إلا أن له متطلبات وله شروط.

بعد تلك التجربة، انشغلت بالعمل والزواج والأولاد. ومع الوقت، كان صندوق أعذاري يتضخم بشكل مهول، ومعه يتضخم محيط خصري، ويرتفع معدل ضغط الدم لدي، وكان ذلك الارتفاع بوتيرة و”حماس” لا يقل عن حماسي في تناول الوجبات السريعة، فوصل وزني إلى 167.5 كجم .. كان الاحباط يقتلني والاكتئاب يدمرني جسديا ونفسيا.

شاهدت فيلم 23 ساعة ونصف، وشاهدته بتركيز، وأعدت مشاهدته أكثر من مرة …. هنا أسقط في يدي حقا، لم تصلح كل أعذاري لدحض هذا المنطق. والفلم يقدم لي عرضا لا يمكن رفضه أبدا،، خذ من يومك 23 ساعة ونصف، لعملك ونومك وأهلك وكل نشاطاتك (الهام منها والتافه) وأعطني فقط نصف ساعة من المشي الجاد، وسأهبك في مقابلها صحتك وتحسين قوامك وقوة قلبك وخفض ضغط دمك!! ..إلخ. أي مجنون يرفض عرضا كهذا؟

 

أمراض وحبوب

بطبعي أعشق البساطة وأكره التعقيد، وأحب الحلول الوسطية التي ترضي كل الأطراف. استهواني الفيلم بشدة، وعرفت أن هذا مفتاحي. ولا أدعى أني بدأت مباشرة بعد مشاهدتي للفيلم، بل احتجت إلى “صفعات” توقظني أكثر. كان معدل ضغط دمي قد وصل إلى 190/120، والصداع لا يفارقني، وكنت أشعر بالإجهاد من أقل مجهود. وأطباء الباطنة يصفونني بالجنون بسبب أرقام ضغطي، لكن للأسف لم يقدموا لي شيئاً أكثر من الحبوب. وكانت “الصفعة” الأخطر عندما اكتشفت بدايات تشحم الكبد … كل هذا وعمري لم يتجاوز 33 عاماً!!

قلت لنفسي: إلى أين تسير؟ أنت حرفيا تنتحر.

 

لحظة الاشتعال

هي لحظة حان فيها وقت التغيير، وقررت ألا مجال للتسويف أكثر من ذلك. هذه اللحظة قد تكون عادية في ظاهرها وربما مر عليك لحظات أقوى منها، ولكن تقدير الله هو الغالب. فى هذه اللحظة تجمعت كل التراكمات والمواقف التي خزنتها في ذاكرتي فدفعتني دفعا إلى اتخاذ القرار. كانت تلك اللحظة حينما سافرت في رحلة عمل خارج البلاد، تطلبت هذه الرحلة أن أركب الطائرة 6 مرات خلال أسبوع واحد. لم يكن مقعد الطائرة يناسب حجمي الضخم، ولم يكن حزام المقعد صالحاً لي بسبب محيط خصري المهول، لذلك كنت فى كل مرة أطلب من المضيفة أن تعطيني “وصلة” أزيد بها من محيط الحزام. ست مرات ناديت فيها على المضيفة قائلا “إكستنشين بليز ”  والإحراج يقتلني ونظرات الفضول من الركاب تؤلمني. يومها قررت ألا أطلب هذه الوصلة مرة أخرى ما حييت.

عدت من السفر ومعي حبوب الضغط والصداع التي لا يفارقني طويلا، وعندها قررت…. رميت كل الحبوب التي أعطاني إياها الأطباء واشتريت حذاءا رياضيا من ماركة جيدة، فقد قرأت هذه النصيحة في تغريدات الدكتور صالح الأنصاري على تويتر@SalihAlAnsari، فقد كنت أتابع تغريداته المبدعة من بداية دخوله لتويتر. ارتديت الحذاء ونزلت من البيت، مشيت بجوار البيت في خط مستقيم لمدة 15 دقيقة ثم عدت.

ثلاثون دقيقة كانت هى بداية مشوار امتد عشرة أشهر، خسرت فيها 55 كيلو جراما من وزني… ثلاثون دقيقة صارت عادة يومية وظلت تتمدد وتتمدد أكثر مع مرور الزمن، حتى وصلت في إحدى المرات إلى خمس ساعات متواصلة من المشي، مشيت فيها من مدينة بريده إلى مدينة عنيزة، وعندما سألوني لماذا؟ لم أجد جواباً إلا أن قلت…. لأني أحب المشي!!

 

تويتر و”زبادى ومشى”

فتحت حساباً جديداً لي في تويتر @fforfitness  وأول من تابعته على هذا الحساب هو حساب مركز تعزيز الصحة @SaudiHPC تلاه حساب الدكتور صالح الانصاري، وعن طريق حساب الدكتور صالح تعرفت على #تحدى_نايك  ثم #حملة_عرب_دايت  وهى حملة ناجحة جدا، نجحت في إيجاد مجتمع متعاون من المهتمين بانقاص أوزانهم، وسعت إلى تصحيح المفاهيم الغذائية الخاطئة، والأهم انها وفرت بيئة “للعلاج النفسي الجماعي” على تويتر بشكل أظن أنه حتى مؤسسوها لم يتوقعوا أن يصل إلى هذا المدى. ساعدني تويتر بقوة، رأيت نماذج محفزة، ألهمتني في الاستمرار.

كان عائقي الأكبر دائما هو الاستعجال، لكن تويتر جعلني أكثر صبرا وأطول بالاً. وعندما رأيت بعض الأشخاص من قضى في رحلته للتخلص من  الوزن الزائد أكثر من عام أو عامين، آثرت الاستمتاع برحلة إنقاص الوزن ومشاركة النتائج مع من يتابعوني وليس بالضرورة النزول السريع. وفي الأسابيع الأولى في الدايت نصحني طبيبي بإضافة الزبادي إلى وجبتي الإفطار والعشاء، تزامن هذا مع التزامي بالمشي اليومي، في ذلك الاسبوع انخفض وزنى بشكل ملحوظ، وتكرر هذا كلما كنت أضيف الزبادي الى نظامي، قرأت وبحثت أكثر عن الزبادي واكتشفت معلومات مهولة لخصتها في تدوينة محكمة   بعنوان “عشرة أسباب تجعلك تتناول الزبادي كل يوم” سميت الحساب ” زبادي ومشي ”    للأسف البعض ظن أني أنقص وزني باتباع  ما يسمى “ريجيم الزبادي” وأنا أنقصت وزنى بالتغذية المتوازنة والمشي اليومي وليس بذلك الريجيم. وقد تعلمت الكثير عن التغذية المتوازنة التي تؤدى إلى انقاص وزن آمن وفعال من كتاب جورج كروز المترجم : “حمية ال 3 ساعات” الذى نشرته مكتبة جرير عام 2008 .

 

لماذا عشقت المشي؟

لم أجد كعطاء المشي، فهو ليس مجرد نشاط بدني جيد، بل هو علاج روحي ونفسي لا مثيل له. وأنا متهم حاليا بالتعصب الشديد للمشي، والحق أني مجرد شخص يحسن رد الجميل. فقد أنقذني المشي يوم كانت كل الأنشطة البدنية مستحيلة بسبب وزني. أنقذني المشي يوم كان وقتي ضيق وأشغالي كثيرة، فكنت أخرج بلباس الدوام وحذائي الرياضي الذي لا أخلعه أبدا فأخرج من الدوام إلى المضمار. أنقذني المشي يوم لم أجد مالا للاشتراك في ناد رياضي. أنقذني المشي حين فرّغ عني يوميا أثقال وضغوط الحياة. ولم يطلب مني المشي حفظ التمارين والتركيز في عدد التكرارات والتنبه للأداء الصحيح، فقد كان المشي أبسط من كل هذا..

 

فقط، حذاء رياضي وطريق آمن.

أما ما أعطاني المشي في المقابل فلا أستطيع حصره، ليس مجرد 55 كجم خسرتها من وزني، بل زالت كل الأعراض المرضية التي كنت أعانى منها، فمع مراجعاتي للأطباء ضغط دمى الآن مثالي دون الحاجة إلى حبة دواء واحدة. صرت نشيطاً خفيف الحركة رغم أنى لم أصل بعد إلى وزنى المنشود. وتعاظمت إنتاجيتي في عملي ومع عائلتي بشكل لا يمكن وصفه، وتحسنت نفسيتي بشكل مهول، وصرت أنظر إلى الحياة بإيجابية كبيرة، فمجرد معرفتي أني كلما تضايقت مشيت يجعلني أتحمل أقسى الظروف والضغوط. هذا ما قد لا تفهمه إلا إذا جربته!!!

 

مثبطات ومحفزات

شخصان عزيزان إلى قلبي يعرفان محاولاتي السابقة في التخلص من السمنة. وحين بدأت هذه المرة قالا لى ما معناه: “ريح رأسك” لقد جربت سابقا ونجحت ولكنك عدتَ سمينا بل كسبتَ وزنا أكثر، فلا داعي لتكرار المأساة مرة أخرى. في المقابل شخصان آخران قالا لي “أنت عندما تضع شيئا برأسك فإنك لا محالة منجزه”

كلا القولين: “المحبط والمشجع” أعطياني نفس الدافع والإصرار لأن أستمر. وقبل كل هذا كان محفزي الأكبر احترامي لنفسي. وقد كتبتها في تغريدة أول ما بدأت “أن تنحف لنفسك، لصحتك، لأنفاسك المتقطعة، ومفاصلك المتعبة، تنحف لتحترم نفسك قبل أن يحترمك الآخرون”

وزنى حاليا وهدفي مستقبلا:

من طبيعة بنيتي أنها ضخمة بعض الشيء،  وطولي 186 سم. إلا أنني لست في هوس للوصول للوزن المثالي بقدر ما أطمح أن يكون وزنى بعيداً عن حدود السمنة أي أن يكون مؤشر كتلة جسمي أقل من 25 أو حولها. وقد كان أعلى وزن وصلت له هو 167.5 إلا أن وزني عندما بدأت جديا في النظام الصحي كان 160.7 كجم. أما وزني حاليا فهو 105 كلجم وأطمح في الوصول إلى 95 أو دونها..

كيف فعلتها ؟

لو طلبتَ مني أن أختصر تجربتي في نصيحة واحدة فستكون ” غير أفكارك” فالدكتور صالح الأنصاري تغريدة طريفة تقول “أكثر أجزاء جسمك حاجة لإنقاص الوزن هو مخك. وإلا فمن أين أتت الشحوم إلا بسببه … ابدأ بالأهم … وسلم لي عليه” وأذكرك ان ما حفزني للبدء كان فكرة.

هذه هي الأفكار التي قمت بتغييرها والتي أدين لها بعد الله في نجاحي.

لا تتــــردد: ابدأ بما هو متوفر وما تستطيعه وما تسمح به ظروفك واستمر، فالاستمرار سر النجاح.

لا مستحيل: امسح كلمة المستحيل من رأسك، فكل شيء ممكن إذا توفرت الإرادة والرغبة الحقيقية.

أحب نفسك: من أكبر مشكلات بعض البدناء أنهم قد يكرهون أنفسهم وأجسادهم. تخلص من هذا التفكير السقيم.

لا تتعجـــل: الصبر ثم الصبر ثم الصبر.. لا تقل في كم سأخسر وزني؟ بل قل في كم من الوقت سأستطيع التخلص من تلك العادات الخاطئة؟

إذا استطعت أن تتخلص من عاداتك الغذائية الخاطئة، فسيصبح الموضوع مسألة وقت لا غير. فالنظام الغذائي ليس ورقة تلتزم بها. (ولا أنكر أن هذا قد يفيدك نفسيا لفترة ما) إلا أن ما يفيدك على المدى البعيد هو البدء بتغيير عاداتك الغذائية، وحركتك ونشاطك اليومي.

إن أي نظام غذائي قائم على الحرمان أو يشعرك بالجوع مصيره الفشل.

ثقف نفسك غذائيا ورياضيا، وتابع المتفائلين والناجحين .. والأهم “امش كل يوم” فالمشي يقدم لك “عرضاً لا يمكن رفضه”.

** هذه القصة كتبتها بتوجيه من الدكتور صالح الأنصارى حفظه الله الذى قام بتحريرها وتنقيحها ونشرها في مركز الصحة   وابقيت على تعديلاته كما هى ، بارك الله فيه “

 

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا