الدكتور كريم عابد العلوي يتحدث عن أعراض و علاج التهاب الأمعاء طبيعيا

تنتج أعراض التهاب الأمعاء عن عدد من التحولات والصيرورات التي ما زال جزء كبير منها مجهولا حتى الآن. لكن مما لا شك فيه أن جهاز المناعة هو اللاعب المركزي في كل هذه العملية.

داء الامعاء الالتهابي (Inflammatory Bowel Diseases – IBD) هو اسم عام يشمل كلا منداء كرون (Crohn’s Disease) ومرض التهاب القولون التقرحي (Ulcerative colitis). يختلف هذان المرضان عن بعضهما بعدد من المميزات التي سنوضحها في ما يلي. تنتج أمراض الأمعاء الالتهابية عن عدد من التحولات والصيرورات التي ما زال جزء كبير منها مجهولا حتى الان. لكن مما لا شك فيه أن جهاز المناعة هو اللاعب المركزي في كل هذه العملية. تعتبر ردات الفعل الالتهابية (التي لم يتم بعد التعرف على أسبابها بعد كما أسلفنا) الوسيط الأساسي لحصول الأضرار، ولذلك فإن غالبية العلاجات المتطورة تركز على محاولة الحد – قدر الإمكان – من حجم وشدة ردة فعل جهاز المناعة في الأمعاء.

في العادة، يتم تشخيص أمراض الأمعاء الالتهابية في جيل المراهقة أو ما بعده بقليل (في سن 15- 35 عاما بالنسبة لداء كرون وفي سن الطفولة بالنسبة لالتهاب القولون التقرحي)، لكن هذا النوع من الأمراض يمكن أن يصيب أي شخص، وفي أي جيل كان. تشمل العلامات المشتركة لكل أنواع أمراض الأمعاء الالتهابية ما يلي:

1. العلامات العامة – نقصان الوزن وفقدان الشهية، الضعف وارتفاع حرارة الجسم.

2. الأعراض في جهاز الهضم – الام البطن، تغييرات في أنماط التبرز، تغييرات في طبيعة البراز (دم في البراز أو براز أسود)، وفي بعض الأحيان اضطرابات في السيطرة على العضلات الغالقة (المصرات – Sphincter).

3. اختبارات الدم – فقر الدم (نتيجة لفقدان الدم من خلال البراز أو نتيجة قصورات غذائية)، ارتفاع مؤشرات الالتهاب (ترسب دم ملموس – ESR – أو ارتفاع مستويات البروتين C التفاعلي- C Reactive Protein، وارتفاع مستوى الصفائح الدموية أحيانا)، بالإضافة إلى نقص عنصر الحديد في بعض الحالات.

داء كرون:

أول من تحدث عن هذا المرض في التاريخ هو العالم “كرون”، وهو يتسم بما يلي:

1. إمكانية الإصابة على امتداد الجهاز الهضمي كاملا، ابتداء من الفم ووصولا إلى فتحة الشرج. لكن أكثر الأماكن المعرضة للإصابة  بأعراض التهاب الأمعاء – بشكل عام – هي الأمعاء الغليظة ونهاية الأمعاء الدقيقة.

2. لا تكون البؤر الالتهابية متواصلة، حيث من الممكن أن تنتشر في أماكن مختلفة من الجهاز الهضمي مع وجود مواقع أخرى سليمة من الجهاز بين كل بؤرة التهابية وأخرى (تسمى هذه الحالة بـ Skip Leasions). لهذا السبب، من الممكن أن يخضع المصابون بداء كرون لعدد من العمليات الجراحية خلال حياتهم، دون أن يكون بالإمكان الوصول إلى حالة من الشفاء التام عبر هذه العمليات.

3. تصيب الالتهابات جدار الجهاز الهضمي، بكامل سمكه، ولذلك فإنها تكون أعمق ومن الممكن أن تسبب عددا من المضاعفات الجراحية مثل الانثقاب، الناسور (اتصال غير طبيعي) أو التضيق أو غير ذلك.

4. هنالك أيضا بعض الإصابات التي تحصل في أجهزة خارج الجهاز الهضمي مثل الالتهابات في العينين، في المفاصل، الطفح الجلدي وغيرها.

التهاب القولون التقرحي:

يتسم هذا المرض بحصول تقرحات متواصلة ابتداء من المستقيم الشرجي صعودا على امتداد أنابيب الهضم. لهذا السبب فإن اعراض التهاب القولون التقرحي عادة ما تشمل الفتحة الشرجية، المستقيم، الأمعاء الغليظة في منطقة القولون السيني، وبنسبة أقل في منطقة القولون الهابط، المستعرض والصاعد. في بعض الأحيان المتباعدة، تكون هنالك إصابة في نهاية الأمعاء الغليظة، علما بأن غالبية أجزاء الأمعاء الدقيقة أو بقية أجزاء الجهاز الهضمي، لا تصاب، عادة. تكون الإصابات الالتهابية متواصلة كما أسلفنا، كما أنها لا تكون عميقة، عادة، ولذلك فإن كمية المضاعفات التي قد تنتج عنها مع مرور الوقت عادة ما تكون أقل من مضاعفات داء كرون، وغالبا ما يكون بالإمكان الوصول إلى شفاء المرض من خلال بتر الأجزاء المصابة جراحيا. عند الإصابة بهذا المرض من الممكن أن تصاب، أيضا، بعض الأجهزة الأخرى في الجسم، وإن كان احتمال حصول مثل هذا الأمر أقل.

العلاج: 

هنالك ثلاث مجموعات أساسية من العلاجات الدوائية:

1. أدوية الـ ASA مثل: بنتاسا (Pentasa) والأسكول (Asacol)، ذات التأثير الجيد في حالات المرض البسيطة حتى المتوسطة. وهي فعالة بشكل خاص في معالجة التهاب القولون التقرحي.

2. أدوية التعديل المناعي (immunomodulation) مثل “البوري نيتول” (Puri-Nethol)، الإيموران (Imuran) والميثوتروكسات إيبوفي (Methotrexate EBWE). تقوم هذه الأدوية بتثبيط عمل جهاز المناعة، وهي ناجعة في معالجة داء كرون  والتهاب القولون التقرحي وفي الحفاظ على هدوء الحالة وإطالة فترات “الاستراحة” من النوبات، بالإضافة الى تقليل الحاجة إلى المعالجة بالأدوية السترويدية.

3. العلاجات البيولوجية مثل: الهوميرا (Humira)، والريميكيد (Remicade)، وهي أدوية حديثة ومتطورة تقاوم السيتوكين الالتهابي TNF-a ويتم إعطاؤها من خلال الحقن تحت الجلد أو الحقن الوريدي.

خلال أعراض التهاب الأمعاء، يخطر في البال أحيانا استخدام الأدوية السترويدية. تبدأ فاعلية هذه الأدوية بسرعة كبيرة نسبيا، وخصوصا في الحالات المتوسطة والشديدة، وتعتبر ناجعة في فرض “استراحة” في حالات الإصابة بداء كرون والتهاب القولون التقرحي. يتم إعطاء هذه الأدوية عبر الوريد أو عبر الفم. تتسم الأدوية السترويدية بكثرة الاثار الجانبية، والتي يزداد انتشارها وظهورها كلما ازدادت فترة استخدام الأدوية أو جرعاتها، لذلك عادة ما يكون استخدام هذه الأدوية محدودا.

عن هذا الموضوع، يقول أحد الأطباء المختصين بأمراض الأمعاء الالتهابية إن التطور الكبير في مجال العلاجات البيولوجية والازدياد الجدي بكمية المعلومات والأبحاث التي تتمحور حول محاولة فهم صيرورة المرض، قد أديا إلى تحسين جودة حياة المرضى. اليوم يتم تطوير جيل ثالث من الأدوية المخصصة لمعالجة هذه الأمراض، على أن التوجه المستقبلي هو أن تكون الأدوية ملاءمة بشكل فردي للشخص المريض.

أما عن تكون ونشوء هذه الأمراض فيقول المختص إن الاعتقاد السائد هو أن داء كرون والتهاب القولون التقرحي هما من الأمراض التي تحصل على أساس وراثي في الغالب، وتتمثل في أعراض التهاب الأمعاء الخارج عن السيطرة، بسبب فرط نشاط جهاز المناعة. أما اليوم، وفي أعقاب الأبحاث الجديدة المتعلقة بهذه الامراض، فهنالك اعتقاد جديد يشير إلى احتمال حصول هذه الأمراض بسبب قصور مناعي في الجسم يمنع مواجهة بعض أنواع الجراثيم التي تهاجم جدران الأمعاء.

 

 

 





قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا